top of page

القدس الشرقية في ظل الحرب - تقرير



تقرير صادر في نيسان (أبريل) 2024 

عقب الهجوم الفتاك الذي شنته حركة حماس في السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، شنت إسرائيل حرباً متواصلة في غزة، وكان ثمن هذه الحرب أضرار مميتة في صفوف السكان المدنيين، وكارثة إنسانية، وتدمير البنى التحتية على نطاق هائل. إن الجمعيات الشريكة في كتابة هذا التقرير، وهي عير عميم، جمعية حقوق المواطن ، مركز "هموكيد" لحماية الفرد، وعيمك شافيه، تدعو إلى إعادة المختطفين فوراً، ووقف الحرب، إلى جانب توفير الحماية للمواطنين والسكان، وبيئتهم المعيشية، على اختلاف أماكن تواجدهم.

كان لحالة الحرب عواقب فورية ووخيمة في كل من الضفة الغربية والقدس الشرقيّة أيضاً. فإلى جانب التمييز وانتهاك الحقوق الذي يعاني منه سكان الضفة الغربية والقدس الشرقيّة في الأيام العادية، فقد جرت، وتجري، انتهاكات إضافية لحقوق هؤلاء منذ اندلاع الحرب، وتدهورت ظروفهم المعيشية، التي كانت صعبة أصلاً، بصورة أكبر.

يسلط هذا التقرير الضوء على الطرق المختلفة التي تؤثر بها الحرب على القدس الشرقيّة وعلى سكانها.

 


 

خلفية

قامت إسرائيل في يونيو (حزيران) 1967، باحتلال القدس الشرقيّة إلى جانب احتلالها لكل من الضفة الغربية، وقطاع غزة، وهضبة الجولان، وشبه جزيرة سيناء. بعد بضعة أسابيع من الاحتلال قامت  إسرائيل بضم مناطق في القدس ومحيطها، وهي التي تعرف اليوم باسم القدس الشرقيّة. وبعد الضم، تم فرض الإدارة، والقضاء، والولاية القضائية الإسرائيلية على هذه المناطق. إن ضم القدس الشرقيّة يتعارض والقانون الدولي، وهو أمر غير معترف به من جانب معظم دول العالم.

تسعى السياسة الإسرائيلية إلى فصل وعزل القدس الشرقيّة عن الضفة الغربية، إلى جانب محاولاتها طمس، لا بل ومحو، الخط الأخضر في المدينة.

تلقى السكان الفلسطينيين الذين عاشوا في القدس الشرقيّة، بعد الضم، مكانة مقيمين دائمين في إسرائيل. يعني الأمر أنه طالما ظلت إسرائيل تسيطر على منطقة القدس الشرقيّة وتعرّف سكانها بوصفهم ساكنين ، فإنها ملزمة بمعاملتهم بصورة تستند إلى المساواة. يحق لهؤلاء السكان تلقي جميع الخدمات والحصول على جميع الحقوق التي يتمتع بها مواطني الدولة، باستثناء الحق في التصويت في انتخابات الكنيست. ورغم ذلك، فإن السلطات الإسرائيلية تمتنع، منذ العام 1967، عن توفير الموارد اللائقة للقدس الشرقيّة، بحيث تتيح توفير خدمات لائقة لساكنات وسكان المنطقة، وتلبية احتياجاتهم المادية، واحتياجات السكان المتزايدة.

هذا، ويعاني سكان وساكنات القدس الشرقيّة من التمييز من جانب السلطات الإسرائيلية منذ ما يزيد عن 56 عاماً. إن سياسة التمييز تظهر، عملياً، في جميع جوانب الحياة، وتؤدي إلى خلق أوضاع معيشية صعبة، وسلسلة من الانتهاكات لأبسط حقوق الإنسان. وإلى جانب ما تقدّم، فإن السكان الفلسطينيين من سكان القدس الشرقيّةالقدس الشرقيّة يعانون من النشاط الرقابي البوليسي المفرط، والعنف الشرطي، والمساس المتواصل بحريتهم في التعبير عن الرأي والاحتجاج.

إن سياسة التمييز والإهمال، تعزز مصلحة إسرائيل في ضمان الأغلبية اليهودية في المدينة، وطرد سكان المدينة الفلسطينيين خارجها. وعلاوة على ذلك، تقدم إسرائيل المساعدة للمستوطنين الذين يستوطنون في القدس الشرقيّة عبر تشكيلة واسعة من الأدوات (تخصيص الميزانيات، توفير الحراسة، إدارة الأراضي، التخطيط المديني، وغيرها)، وهي بذا تعزز اتساع سيطرة هؤلاء على المنازل والأحياء في تلك المنطقة، بهدف تعزيز سيطرتها عليها. وفي المقابل، فإنها تعمل على "تعزيز" الانتماء اليهودي للأحياء من خلال مبادرات تتعلق بالتراث، إلى جانب المحو المقصود للتاريخ والتراث الفلسطيني، وتجاهله.

انعدام وسائل الوقاية

لا تتوفر في غالبية الشقق والمباني السكنية في القدس الشرقيّة غرف محصنة أو ملاجئ. كما لا تتوفر في تلك الأحياء ملاجئ عامة (باستثناء ملجأ عام واحد في شعفاط، هو أيضاً معطل عن العمل مؤقتا). ولا تتجاوز الأماكن القليلة الوحيدة التي يمكن للسكان العثور على حماية فيها خلال الهجمات الصاروخية، سوى عدد قليل من المدارس في بضعة أحياء تم فتحها للعموم. إن الحالة القائمة تترك السكان عرضة للهجمات الصاروخية، في ظل انتهاك جسيم لحقوقهم في الحياة، وسلامة الجسد، والمساواة.

بتاريخ 11.10.2023  توجّهت كل من جمعية حقوق المواطن وجمعية "بمكوم" إلى رئيس بلدية القدس، مطالبتين إياه بالاهتمام الفوري بتوفير أماكن محمية في الأحياء الشرقية من المدينة، سواء من خلال فتح جميع المؤسسات التعليمية والمباني العامة التي توجد فيها ملاجئ، أو من خلال نشر وسائل حماية متنقلة، أو من خلال أية حلول أخرى توفر الحماية لسكان المدينة الفلسطينيين. مر نصف عام على ذلك التوجه، ولم يتم الرد عليه بعد.

التقييدات المفروضة على التنقل، وقطع الطرق

إغلاق الحواجز في محيط القدس أمام تنقلات سكان الأحياء الواقعة خلف جدار الفصل 

بتاريخ 7.10.2023، ومع هجوم حماس على بلدات الجنوب واندلاع الحرب، تم إغلاق الحواجز في محيط القدس أمام حركة السيارات وتنقّلات المشاة. وقد فرض إغلاق الحواجز حصاراً على آلاف الأشخاص القاطنين في محيط ولاية بلدية القدس، في الأحياء الواقعة خلف جدار الفصل، وهي: كفر عقب، مخيم شعفاط للاجئين، ضاحية السلام، رأس خميس، رأس شحادة، وبير عونة. يملك العديد من سكان هذه الأحياء مكانة مدنية ووثائق إسرائيلية- إقامة دائمة، أو إقامة مؤقتة، أو تصاريح دخول. في الأيام العادية، يدخل الكثير من هؤلاء إلى القدس يومياً لأغراض العمل، والتعليم، والصحة، والرعاية الاجتماعية، والصلاة، والتسوق، وتلقي خدمات مختلفة.

وإلى جانب إغلاق الحواجز القائمة أصلاً، قامت قوات الأمن الإسرائيلية بوضع حواجز في شوارع القدس الشرقيّة ، منعت الخروج من أحياء معينة. وفي الحواجز القليلة التي ظلت مفتوحة جزئياً، حصلت ازدحامات مرورية شديدة، وكان الاجتياز المنتظم لهذه الحواجز شبه مستحيل.

إن مثل هذا المنع الشامل لحرية التنقل، والانتهاك الخطير لسلسلة واسعة من حقوق الإنسان الخاصة بعشرات آلاف السكان، هما أمر غير قانوني. وحتى في ظل الحرب، لا يسمح للدولة بالتعامل مع السكان الدائمين ومن يقطنون على أراضيها، بوصفهم عدوا أو فرض حصار عليهم، سواء أكان هذا الحصار شاملاً أم جزئياً. إن هذا الأمر يمثل انتهاكاً غير متناسب لحقوق عشرات الآلاف من الأشخاص، وعقاباً جماعياً محظوراً وغير قانوني.

في الأيام التي تلت ذلك، تم فتح بعض الحواجز بصورة محدودة، في حين ظلّ البعض الآخر مغلقاً. لم يعد حاجز قلنديا إلى العمل إلا بعد أسبوعين من اندلاع الحرب، وبوتيرة جزئية ومقلصة جداً. كانت النتيجة حصاراً شبه تام على سكان القدس القاطنين في كفر عقب. بتاريخ 7.11.2023 التمست كل من جمعية حقوق المواطن، ومركز "هموكيد" لحماية الفرد، و"عير عميم" وسكان من الأحياء الواقعة خلف الحاجز، إلى المحكمة العليا، مطالبين إياها بإعادة تشغيل الحواجز بصورة منتظمة. وقد ادُّعي في الالتماس أن الحاجة الأمنية أيضاً لا يمكنها تبرير الانتهاك المتواصل والجسيم لحقوق آلاف البشر في حرية الحركة وتلقي الخدمات الحيوية.

لا يزال الالتماس مستمراً. وفي إطار الإجراء القضائي، عاد الحاجز إلى العمل بصورة أكثر انتظاماً، إلا أنه لم يعمل بعد بصورة تامة، ولم يتم العثور على حل لضمان الانتقال السريع في حالات الطوارئ، حينما يكون الحاجز مغلقاً.

حظر دخول الفلسطينيين الحاملين لتصريح لم الشمل إلى القدس عبر حاجز شعفاط

يعيش حوالي 300 من سكان المناطق إلى جانب أزواجهم وأفراد أسرهم الإسرائيليين، ويحملون تصريح لم شمل، ويقطنون خلف جدار الفصل، في كل من مخيم شعفاط للاجئين وفي الأحياء القريبة منه. منذ اندلاع الحرب، حظر على هؤلاء الدخول إلى القدس عبر حاجز مخيم شعفاط القريب من منزلهم، إلا إن كان العنوان المسجل في بطاقات هوياتهم هو عناتا، وهي قرية فلسطينية قريبة من الحاجز. وحينما حاولوا كسكان، تغيير العنوان المسجل لدى سجل السكان الفلسطيني، قيل لهم بأن إسرائيل تحظر ذلك.

التمست كل من جمعية حقوق المواطن ومركز "هموكيد" لحماية الفرد بتاريخ 18.12.2023 إلى المحكمة العليا، باسم أربعة من الفلسطينيين الحاملين لتصاريح لم الشمل، الذين منعوا من المرور عبر الحاجز. وقد اشتمل الالتماس على ادعاء مفاده أن إغلاق الحاجز في وجه السكان الذين يعملون في المدينة، ويتلقون فيها جميع الخدمات، ويتعلم أطفالهم فيها، يمس بحقهم في كسب الرزق، وفي حرية التنقل، وفي سلامة الأسرة، والمساواة، والكرامة.

بعد يوم من تقديم الالتماس، تم رفع القيود على تنقلات السكان.

تقييدات جماعية لحرية التنقل، لدى الدخول إلى المسجد الأقصى

منذ اندلاع الحرب، وحتى ثاني أيام شهر رمضان (11.3.2024) فرضت الشرطة تقييدات جماعية مشددة على الدخول إلى المسجد الأقصى أمام الجمهور المسلم بأكمله في إسرائيل، وخصوصاً سكان القدس الشرقية . وبحسب المعطيات التي تملكها دائرة الأوقاف الإسلامية، فقد انخفض عدد المصلين في المسجد من عدد يتراوح ما بين 35000 - 50000 في الأيام الروتينية إلى نحو 5000 مصلٍّ بالغ فحسب. وعلى التوازي مع إغلاق بوابات المسجد في وجه المسلمين، تواصل السماح بدخول اليهود إلى المكان، وخصوصاً ناشطي جبل الهيكل، من دون أية تقييدات.

إن مثل هذا الإغلاق المستمر للحرم القدسي في وجه المسلمين هو أمر غير مسبوق، ويشكل انتهاكاً خطيراً للوضع القائم الذي تلتزم إسرائيل بالحفاظ عليه، والذي يحدد بأن المسجد هو موقع عبادة إسلامي، يسمح لغير المسلمين بزيارته فقط، بحسب ما يتيحه الوقت والمكان.

بعد أيام معدودة فحسب من بدء شهر رمضان (بتاريخ 10.3.2024) نشر ديوان رئيس الوزراء إعلاناً مطمئناً بشأن دخول المسلمين إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، في تعارض مع مطلب وزير الأمن القومي، بن چڤير، الساعي إلى فرض قيود شاملة. ومع ذلك، فقد ترك نتنياهو فتحة لاستمرار التقييدات على الوصول إلى المسجد حتى خلال شهر رمضان. كما أن الإحاطات المتعلقة بتقييد عدد المسلمين المصلين في المسجد إلى 50000 مصل هي خطيرة، حيث إنه من المعتاد وصول نحو 200000 مصل في صلوات الجمعة خلال الشهر، كما أن أعداد المصلين في ليلة القدر، في نهاية الشهر، تفوق ذلك بكثير.

في أولى ليالي رمضان، فرضت الشرطة، بواسطة القوة أيضاً، قيوداً على دخول مئات الشبان الفلسطينيين إلى المسجد. وابتداء من الليلة الثانية، تم رفع القيود وامتلأت ساحة باب العامود بالزوار. نأمل أن يستمر الوضع على هذا الحال حتى نهاية الشهر، وبعده أيضاً.

النشاط البوليسي العدواني وعنف الشرطة

فور اندلاع الحرب، قامت قوات الأمن الإسرائيلية بمحاصرة القدس الشرقيّة بواسطة فرض التقييدات على الحركة، والحواجز، وشرعت في عمليات عقاب جماعي ونشاط بوليسي عنيف ضد السكان الفلسطينيين في المدينة. وفي المواجهات التي اندلعت في عدة أحياء من المدينة، استخدمت قوات الأمن الرصاص الحي، ورشاشات المياه العادمة (الظربان)، وقنابل الغاز والرصاص المطاطي وغيرها. اندلعت المواجهات أيضاً بين السكان والمستوطنين في أحياء المدينة الفلسطينية. ومنذ بدء الحرب وحتى نهاية سنة 2023 قتل في القدس الشرقيّةالقدس الشرقيّة خمسة شبان فلسطينيين خلال المواجهات مع قوات الأمن. وفي تلك الفترة، تم الإبلاغ عن اعتقال 987 فلسطينياً في القدس الشرقيّة، بمن فيهم أطفال ونساء، وقد تم إرسال المئات من هؤلاء إلى الإقامة الجبرية. وإلى جانبهم تم اعتقال عشرات السكان بموجب أوامر اعتقالات إدارية، وتم إصدار المئات من أوامر الإبعاد عن القدس عموماً، وعن البلدة القديمة أو المسجد الأقصى خصوصاً.

تم توثيق العديد من حالات الاعتداء على المارة من قبل قوات الأمن الإسرائيلية، وتم نشرها في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وقد شمل ذلك إلقاء قنبلة صوتية على مطعم، ومهاجمة مسافرين في سيارة، ومهاجمة مشاة، وعمليات تفتيش مهينة، وعمليات تفتيش عشوائي في أجهزة الهاتف التي تخص أيضاً تلاميذ صغار في طريقهم إلى المدارس، والمساس بأشخاص ذوي إعاقات. وعلى مدار أسابيع، واجهت الطواقم التربوية والتلاميذ عنفاً خطيراً على الطرق من جانب قوات الأمن المنتشرة في أرجاء المدينة، ولا يزال الكثير من الفلسطينيين يخشون حتى اليوم من الخروج من منازلهم والوصول إلى القدس الغربية.

غالباً ما يتم استخدام العنف الشرطي من دون أسباب أو حاجة، ضد أشخاص لم يقوموا بخرق النظام العام. فمثلاً، بتاريخ 29.2.2024 وجه مركز "هموكيد" لحماية الفرد شكاوى إلى قسم التحقيق في انتهاكات الشرطة، باسم شابين من سكان القدس الشرقيّة، تعرضا لعنف شديد من جانب رجال الشرطة بتاريخ 9.1.2024، حينما كانا في طريقهما إلى منزلهما في بيت حنينا مع صديق آخر. تم قطع الطريق أمام السيارة التي كان الثلاثة يستقلونها فجأة، ثم تمت مهاجمتهم بوحشية ومن دون أي سبب من قبل خمسة أو ستة من رجال الشرطة. تم اعتقال أحد الشبان، ولاحقاً تم تحويله إلى المستشفى، حيث تبين أنه يعاني من إصابات في الصدر والوجه، إلى جانب كسر في الأنف. أما الشاب الآخر فقد تم الإبقاء عليه في مكان الحادث، وتم تحويله إلى المستشفى بعد أن فقد وعيه، وهو يعاني من ضيق في التنفس وآلام شديدة في القسم العلوي من الجسم.

 


 

طرد عائلة من منزلها، بدون وجود صلاحيات تخوّل بذلك

بتاريخ 30.10.2023 قام فتى يبلغ من العمر 17 عاماً من حي الطور بجرح أحد عناصر سلاح حرس الحدود بطعنات سكين، وقُتل الفتى على يد الشرطة. في وقت متأخر من ذلك اليوم داهمت قوات كبيرة من الشرطة منزل عائلته، وفتشت المنزل، ودمرت محتوياته. في نهاية العملية أصدر رجال الشرطة أمراً لأبناء العائلة بإخلاء الشقة وحظروا عليهم العودة إليها. انتقل أبناء العائلة، وهم والدين وثلاثة أطفال، للسكن في منزل أخ رب الأسرة. بتاريخ 28.1.2024 توجه مركز "هموكيد" لحماية الفرد إلى شرطة لواء القدس مطالباً إياها بإبراز مصدر السلطة التي تم بموجبها إخلاء الأسرة من منزلها، أو السماح لهم بدلاً من ذلك بالعودة إليه. وبتاريخ 10.3.2024 جاء جواب الشرطة الذي جاء فيه أنه "لا مانع من استخدام منزل العائلة".

تسلّح المدنيين

في أعقاب الهجوم الذي نفذته حركة حماس في السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، بدأت موجة من تسليح وتنظيم مجموعات الحراسة في جميع أرجاء الدولة. هذه الموجة التي لم تغفل القدس، تم تحريكها بمزيد من الخوف والشعور بانعدام الأمان الصادقين، بالترافق مع تحريض من جانب عناصر اليمين، وعلى رأسهم وزير الأمن القومي، بن چڤير. في نهاية تشرين الأول (أكتوبر) تم الإعلان عن تشكيل 10 فرق تأهب تابعة للأحياء في قدس، والإعلان عن عقد النية عن تشكيل 18 فرقة تأهب إضافية. يحصل عناصر فرق التأهب من الشرطة على أسلحة يحتفظون بها في منازلهم.

هناك، من ضمن فرق التأهب العشرة التي تمت إقامتها في القدس، ثلاثة على الأقل في المستوطنات المؤدلجة الواقعة في قلب الأحياء الفلسطينية: نوف تسيون (في جبل المكبر)، ومدينة داود (في سلوان)، وكدمات تسيون (في رأس العامود). وقد تم تشكيل فرق التأهب على الرغم من أن هذه المستوطنات تحظى أصلاً بحراس خاصين ممولين من المال العام.

وتثير الأجواء المتوترة في القدس، التي تترافق مع تحريض الساسة ومنظمات اليمين، الخشية من أن يؤدي تواجد هذه التشكيلات المسلحة الكثيرة في المدينة إلى اندلاع أعمال الشغب ضد سكان القدس الشرقيّة.


سحب المكانة المدنية

بتاريخ 16.10.2023 أعلن وزير الداخلية عن نيته سحب الإقامة الدائمة لاثنين من سكان القدس الشرقيّة  المعتقلين تحت وصاية مصلحة السجون الإسرائيلية، بدعوى "خرق الولاء". وفي إعلان رسمي تم تعميمه على وسائل الإعلام من ديوان الوزير، تمت تسمية الشخصين بوصفهما "نازيان من مخربي حماس في القدس".

بتاريخ 30.11.2023 قدّم مركز "هموكيد" لحماية الفرد، إلى الوزير، وثيقة مرافعات كتابية في قضية الرشق. وقد ورد في المرافعات بأن مسألة دستورية تعديل قانون الدخول إلى إسرائيل، الذي يبيح سحب مكانة الإقامة الدائمة على خلفية "خرق الولاء لدولة إسرائيل" لم تحسم بعد في المحكمة العليا، وبذا، فلن يكون بإمكان الرشق أن يعترض في المحكمة على قرار سحب إقامته، إذا ما تم اتخاذ مثل هذا القرار. كما أشارت الوثيقة إلى أن الرشق لا يملك جنسية أو إقامة في دولة أخرى بخلاف مكانة السكن الدائم في إسرائيل، وأن محكمته الجنائية لا تزال مستمرة. تنص الوثيقة على أنه إلى جانب المسألة الفردية الخاصة بالرشق، فإن "تراكم مجمل هذه الظروف تضع الإعلان تحت ضوء شديد الإشكالية، يقع على حافة الشرعية إن لم يكن يتجاوزها، ويتمثل في الرغبة في الانتقام من "جدار واطئ" من أجل إرضاء شهوة الانتقام التي على ما يبدو سيطرت على الخطاب السياسي العام في أعقاب الهجوم الذي نفذه عناصر حماس بتاريخ 7.10.2023


 

التخطيط والبناء

الترويج للمستوطنات

خلال شهور الحرب، روّجت إسرائيل لمخططات توسيع وإنشاء مستوطنات في القدس الشرقيّة، وذلك من خلال بناء نحو 7000 وحدة سكنية. ومن المخطط أن يتم بناء 2500 وحدة منها في مستوطنات جديدة في غفعات هشكيد، و"أمت همايم هتحتونا"، و "كدمات تسيون".

هدم المنازل

على التوازي، ومنذ بداية الحرب، ارتفعت وتائر هدم المنازل المبنية بدون تصريح. وحتى أواسط شهر آذار (مارس) 2024 هُدم في  القدس الشرقيّة 133 منزلاً، 97 منها عبارة عن وحدات سكنية. وكان من ضمن المباني المهدومة 9 وحدات سكنية في الولجة، ووحدة سكنية في حي البستان الواقع في سلوان، وهذان تجمعان سكنيان يعيشان في ظل خطر الطرد الشامل على يد السلطات الإسرائيلية.

 

توجهت كل من جمعية حقوق المواطن، وجمعية "عير عميم"، وجمعية "بمكوم" بالتماس بتاريخ 19.10.2023 إلى رئيس بلدية القدس مطالبين إياه بالتوقف عن هدم المنازل في القدس الشرقيّة خلال فترة الحرب. وقد اشتمل الالتماس على ادعاء مفاده أن هدم المنازل في القدس الشرقيّة يعد ظاهرة مرفوضة حتى في الأيام العادية، على خلفية التمييز في التخطيط ضد هذا الشطر من المدينة، الذي لا يتيح للسكان استصدار تصاريح بناء. إن استمرار عمليات الهدم خلال الحرب، الذي يترك عشرات البشر من دون سقف يؤويهم أو ملجأ من الصواريخ، مشوب بانعدام المعقولية المتطرف، وقسوة القلب. ولم يتم الرد على الالتماس.

المواقع الأثرية والتراثية

خلال الحرب، واصلت الحكومة العمل الدؤوب أيضاً في مجال مواقع الآثار والتراث في القدس الشرقيّة، لغرض بسط السيطرة على الأراضي، وتغيير السرديات، وخلق مراكز اهتمام سياحية. إن الهدف من هذا الجهد ثلاثي: فهو يسعى إلى تعزيز الحضور اليهودي في القدس الشرقيّة، وتطبيعه من خلال خلق مراكز اهتمام سياحية موجهة للتاريخ اليهودي التوراتي للمدينة؛ وتقييد حيز الحياة الفلسطيني وإقصاء السكان، مادياً وتاريخياً، إلى خارج حوض البلدة القديمة؛ ووضع العقبات أمام أية تسوية مستقبلية.

منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2023 تم في المدينة الترويج لثلاثة مشاريع:

مشروع القطار المعلق [التلفريك] الموصل إلى مدينة داود (مخطط البنى التحتية الوطنية رقم 86): من المتوقع أن يضر مشروع القطار المعلق (التلفريك) بأصحاب الأراضي الفلسطينيين على امتداد مسار القطار، والسكان الذين من المتوقع أن يمر التلفريك على ارتفاع أمتار معدودة من فوق منازلهم. تواصل هيئة تطوير القدس، على مدار العامين الماضيين، استثمار عشرات الملايين من الشواقل في الترويج للمشروع، والمصادقة على عقود مورّدين معفين من الدخول في مناقصات، وإجراء حفريات أثرية، واقتلاع الأشجار، والإعلان عن مصادرة مناطق خاصة. وذلك رغم أنه قد نشر خلال الفترة الماضية أن المشروع يواجه تعطيلاً كبيراً لأن الشركات الأجنبية، ذات الاختصاص المطلوب للمشروع، غير مستعدة للمشاركة فيه لأسباب سياسية. في ظل الحرب، في كانون الأول (ديسمبر 2023)، تم نشر أوامر مصادرة لأراض تبلغ مساحتها 8752 متراً لصالح العثور على منطقة لنصب الأعمدة. يدور الحديث عن مصادرة مؤقتة تستمر ثمانية سنوات، وهي خطوة استثنائية بحد ذاتها في مجال التخطيط في القدس.

 

الحفريات في بركة سلوان: منذ كانون الأول (ديسمبر) 2022، تجري سلطة الآثار حفريات أثرية كبيرة في حي سلوان، بحثاً عن "بركة سلوان". بدأت أعمال الحفريات بعد أن قامت جمعية "إلعاد" بالاستيلاء على قسيمة أرض كانت مملوكة للكنيسة الأرثوذوكسية اليونانية القريبة من الموقع الأثري، مع طرد عائلة فلسطينية كانت تفلح الأرض وتكسب رزقها منها. إن عملية الاستيلاء وأعمالا الحفريات، التي تمت على عجل وبواسطة آليات ميكانيكية ثقيلة، قد أدت إلى دمار غير مسبوق لبيئة نباتية نادرة كانت موجودة في البستان الأخير في سلوان، كما ويحتمل أن الدمار قد طال اكتشافات أثرية. في زمن الحرب، بدأ الجيش بالتعاون مع هذا المشروع، حيث يتم إرسال الجنود للمساعدة في الحفريات في الموقع.

"جاي بن هنوم" (وادي الرباب): تحت غطاء الحرب، واصلت سلطة الطبيعة والحدائق، وجمعية "إلعاد" بالترويج لتهويد وادي جهنم (وادي الرباب). وإلى جانب الاستيلاء على مساحات كبيرة بما فيها أشجار الزيتون التي عليها، بدأت جمعية إلعاد، بدعم من سلطة الطبيعة والحدائق، بنصب بوابات وحواجز على مداخل الأراضي التي يدعي الفلسطينيون امتلاكها، تحول ما بين السكان وبين الدخول إلى أراضيهم. وبالإضافة إلى ذلك، ومع بداية الحرب، تمّت إضاءة الجسر المعلق، المثير للجدل، باللونين الأبيض والأزرق، وهكذا تم الزج به إلى الصراع على سبغ الحيّز، وهو صراع يقوم المستوطنون في إطاره بإضاءة منازلهم بأضواء على هيئة نجمة داود الزرقاء، في حين يقوم سكان سلوان الفلسطينيين بنصب أهلّة (مفرد هلال) خضراء متوهجة.

التوظيف والأمن الغذائي

حتى في الوقت الذي سبق اندلاع الحرب، كان حوالي 75% من سكان القدس الشرقيّة يعيشون تحت خط الفقر، وقد وجد الكثيرون منهم أنفسهم يفتقرون إلى الغذاء الأساسي. خلال شهور الحرب تم تسجيل ارتفاع بلغ مئات النسب المئوية في مناسيب البطالة، ووصلت الكثير من العائلات إلى حالة العوز. لقد فقد الكثير من العمال من القدس الشرقيّة عملهم بسبب عمليات الطرد أو الإحالة إلى إجازات بلا راتب، في أعقاب تعبير الزبائن وزملائهم في العمل، بسبب الشعور بالملاحقة في أماكن العمل المختلطة، إلى جانب إغلاق الحواجز في محيط القدس، والقيود الأخرى المفروضة على التنقل، التي حالت دون وصولهم إلى أماكن عملهم بصورة منتظمة. على مدار الشهور الأولى من الحرب، واجه سكان القدس الشرقيّة أيضاً عنفاً من جانب قوات الأمن الإسرائيلية ومن اليهود، وقد خشوا الخروج من منازلهم بصورة كبيرة، ناهيك عن التنقل في المواصلات العامة إلى أماكن عملهم في الشطر الغربي من المدينة. وبحسب معطيات مديرية التوظيف، في حين تم تسجيل ارتفاع بلغ نحو 150% تقريباً في عدد المحتاجين إلى خدمة مديرية التوظيف، وفي حين تم في القدس نفسها تسجيل ارتفاع بلغ نحو 140% في ذلك، فقد تم، في المقابل، في صفوف سكان القدس الشرقيّة تسجيل ارتفاع فاق الـ 300% خلال شهر تشرين الأول (أكتوبر) في أعداد المحتاجين إلى خدمات مديرية التوظيف، مقارنة بالشهر الذي سبقه (إلى جانب ارتفاع بلغ نحو الـ 340% من المعدل المسجل سنة 2023).

 

لقد أدت الاسباب الكثيرة  لفقدان العمل، كما أسلفنا، إلى إلحاق ضرر هائل بالأمن الغذائي في أوساط سكان القدس الشرقيّة. وفي ظل غياب مساعدة من جانب السلطات، وعلى الرغم من النداءات الصادرة عن الأفراد والمؤسسات، واستنفار الحراكات المدنية من أجل جمع وتوزيع طرود غذائية، إلا أن هذه لم تنجح في تقديم العون إلا بصورة جزئية.

في شهر آب (أغسطس) من العام 2023، اتخذت الحكومة الإسرائيلية قراراً بشأن خطة خمسية أخرى هادفة لتقليص الفجوات الاجتماعية والاقتصادية في القدس الشرقيّة. ولكن، وبعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، تم تجميد جزء من الخطة، وتم تقليص ميزانياتها، وهنالك خشية من المساس أيضاً بالمنظومات المهنية التي تمّ تشكيلها من أجل تنفيذ الخطة الخمسية المذكورة.

التعليم والحياة الأكاديمية

حرية التعبير في المؤسسات الأكاديمية

منذ تاريخ السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، تكثّف السعي إلى الإخراس في الخطاب العام الإسرائيلي، وبضمنه داخل المؤسسات الأكاديمية. نتيجة الألم والغضب الناجم عن الهجوم الذي نفذته حماس، بات التسامح تجاه التصريحات والعبارات المعقدة الخارجة عن الإجماع، معدوماً، وينفلت الغضب خصوصاً على كل من يبدو أنه شكل من أشكال التأييد أو التماهي مع السكان المدنيين في غزة، والنداءات المطالبة بوقف الحرب.

يوجّه قمع حرية التعبير في المؤسسات الأكاديمية على وجه الخصوص ضد الطلاب، والطالبات، والعاملين والعاملات العرب في الطواقم، وهو يؤثر أيضاً على الطلاب والطالبات الآتين من القدس الشرقيّة. حتى أواسط كانون الأول (ديسمبر) 2023 تم الإبلاغ عن أكثر من 160 إجراءً انضباطيًا ضد الطلاب العرب في 34 مؤسسة أكاديمية في أرجاء البلاد (80% من هذه الإجراءات بوشر بها في الكليات، والباقي في الجامعات). وقد شهدت غالبية الإجراءات التي تم التوصل فيها إلى قرار، تبرئة الطلاب، ولكن مجرد المباشرة بالإجراءات التأديبية له تأثير محبط ومثبّط على حرية التعبير لدى الطلاب الفلسطينيين.

فعلى سبيل المثال، في الجامعة العبرية، مباشرة بعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر) بدأت كتل طلابية بإجراء عمليات مراقبة لطلاب. في الشهر ذاته أعلنت الجامعة عن إنشاء لجنة اختصاص في هذا الشأن. وتمت المباشرة في إجراءات تأديبية ضد أربعة طلاب، من ضمنهم طالب يهودي. في آذار (مارس) 2024 قررت الجامعة إيقاف البروفيسور نادرة شلهوب- كيفوركيان، عن العمل، بعد تصريحات صدرت عنها في إحدى المقابلات. في أعقاب صدور القرار توجهت جمعية حقوق المواطن إلى كل من رئيس الجامعة وعميدها، بادعاء أن قرار الوقف عن العمل قد تم في تعارض مع أنظمة الجامعة، وأن أقوال البروفيسورة شلهوب - كيفوركيان، مهما كانت مثيرة للغضب فإنها محمية في إطار الحق عن التعبير عن الرأي، والحرية الأكاديمية.

وفي كلية بتسلئيل، جرى في بداية الحرب فتح 14 إجراء انضباطياً ضد طلاب عرب. ولاحقاً قررت المؤسسة الأكاديمية تجميد الإجراءات، وإعادة تنظيم نشاط لجنة الانضباط (لجنة الطاعة). 

بسبب أجواء الملاحقة، كان هناك طلاب عرب يخشون العودة إلى الدراسة بعد الحرب، بل إن بعضهم قد أوقفوا دراستهم في المؤسسات الأكاديمية المختلفة.

إن حرية التعبير لا تحمي فقط المواقف التقليدية التوافقية، التي من المريح سماعها. فهذه المواقف ليست بحاجة إلى حماية. إن حرية التعبير تطبق بصورة أساسية على الآراء الاستثنائية، المثيرة للغضب والحنق، والتي تطلق في خلفية الأحداث الصعبة، والمعقدة، والمثيرة للغضب. لقد نبذت الجامعات والكليات، من خلال سياساتها الموصوفة أعلاه، الآلاف من الطلبة وأعضاء الطواقم الفلسطينيين والفلسطينيات، ممن يعملون ويتعلمون في هذه الجامعات. وقد كانت الرسالة التي تم تمريرها للطلاب والمحاضرين جميعاً، والفلسطينيين منهم على وجه الخصوص، بأن حرية التعبير داخل المؤسسة الأكاديمية قائمة، طالما التزموا بـ "المواقف الصحيحة".

 

مراقبة المعلمين والمدارس وفرض العقوبات عليهم

في كانون الأول (ديسمبر) 2023، تم طرح مشروع قانون الإشراف على المدارس لمناقشته في الكنيست (تعديل: حظر تشغيل المدانين وداعمي الإرهاب، والرقابة على المضامين التدريسية لمنع التحريض)، للعام 2023. يدّعي مشروع القانون هذا زيادة الإشراف على من يعمل في مجال التربية، تدور شكوك بشأن ارتكابه جناية إرهابية ، أو يتهم، أو يدان، بها. كما يسعى المقترح إلى منع إصدار رخص تشغيل للمؤسسات الأكاديمية التي لا تتسق مناهجها الدراسية مع "المبادئ العامة للمنهج الإسرائيلي، كما هو محدد في تعميم المدير العام [للتربية والتعليم]".

وفي شباط (فبراير) 2024 تم طرح مشروع قانون حظر تشغيل العاملين في مجال التربية، وسحب الميزانيات من المؤسسات التربوية، بعد تضامنهم/تضامنها مع فعل إرهابي أو مع تنظيم إرهابي (تعديلات دستورية) للعام 2024. ويسعى مشروع القانون هذا إلى منح وزير التربية والتعليم، والمدير العام لوزارة التربية والتعليم، وهما عنصرين مسيّسين، أو من يوكلان إليهما ذلك، صلاحية واسعة النطاق لفصل المعلمين، ورفض إصدار رخصة تعليم، أو سحب هذه الرخصة، وتعليق، أو تقليص، أو سحب ميزانيات من المدارس التي تخضع لإجراء إداري، إذا ما كانت هناك شكوك بتضامنها مع الإرهاب ودعمها له.

ورغم أن الأمر لم يتم التعبير عنه صراحة، فمن الواضح أن جزءاً من أهداف مشاريع القانون هو فرض نظام بوليسي على المناهج العربية والفلسطينية، وخصوصاً في القدس الشرقيّة؛ والتحكم بها، وفرض التهديد على المعلمات، والمعلمين، ومديرات ومديري المدارس العربية، وجعلهم هدفاً للمراقبة والمطاردة والتصيّد. إن مقترحات القانون هذه هي مقترحات ضارة ولا حاجة إليها، فالقانون المعمول به حالياً يوفر لوزارة التربية والتعليم أدوات لائقة وكافية لمواجهة المناهج التدريسية، والمؤسسات التربوية، والعاملين في مجال التربية الذين يعد تأثيرهم على التلاميذ سلبياً وضاراً. إن هذين المقترحين القانونيين يضران بصورة خطيرة بالحق في التعبير عن الرأي، والحق في التوظيف، والحق في الاستقلالية التربوية لدى المعلمين والمدراء.

 

نشر تفاصيل قاصرين، بصورة ممنوعة، في موقع  وزارة القضاء

في تشرين الثاني (نوفمبر) 2023، صادقت الحكومة على مخطط استعادة المختطفين الإسرائيليين في غزة مقابل إطلاق سراح معتقلين وأسرى أمنيين وقد جرى على موقع وزارة القضاء نشر قائمة تشمل أسماء 350 معتقلاً وأسيراً من المزمع الإفراج عنهم في إطار الصفقة، وبضمن هؤلاء عدة عشرات من القاصرين، من سكان القدس الشرقيّة وسكان المناطق الفلسطينية المحتلة، إلى جانب قاصرة واحدة من سكان إسرائيل. لقد تم إطلاق سراح الغالبية العظمى من هؤلاء القاصرين أثناء وجودهم قيد التوقيف، مما يعني أن أسماءهم قد نشرت حتى قبل انتهاء الإجراءات القضائية ضدهم، وقبل ثبوت إدانتهم، وحينما كانوا لا يزالون يتمتعون بحقهم في إثبات براءتهم.

إن عملية نشر الأسماء هذه تتعارض مع أحكام القانون الذي يحظر نشر التفاصيل التعريفية للقاصرين الضالعين في إجراءات جنائية. تهدف هذه الأوامر إلى حماية هؤلاء وأفراد عائلاتهم من الوصم والانتقام، ورفع فرص إعادة تأهيل القاصرين بعد إطلاق سراحهم. هذه القوانين لا تستثني من تطبيقها الجنايات الأمنية، التي تم اعتقال القاصرين المشار إليهم بموجبها. وفي أعقاب طلب تقدمت به جمعية حقوق المواطن، تم شطب أسماء القاصرين من موقع وزارة القضاء.

bottom of page