top of page

أما زلنا في ديمقراطية! مقال للمحامي جيل جان مور



كتب: المحامي جيل جان مور

الكورونا هو وباء لا تطعيم له. ليس من باب الصدفة أن تطالبنا تعليمات الحكومة البقاء في المنزل، والحفاظ على التباعد الاجتماعي، وحتى الدخول في عزلة إذا تعرضنا للقاء مريض أو ظهرت علينا أعراض المرض. إن الحل لانتشار الوباء السريع والفوري هو نحن. تسمى هذه الظاهرة بالضمان المتبادل.

سيقول البعض أن هذه أوتوبيا ولا يمكن الوثوق بالمواطنين. ربما. لذلك، من المفيد أن تعمل الحكومة على إصدار أوامر قابلة للتنفيذ، وفرض غرامات باهظة على منتهكي الأوامر وضمان تنفيذها بشكل صحيح. ومع ذلك، لا ينبغي الانجرار الى حالة متطرفة من إصدار الأوامر.

بحجة الضغط والخوف والقلق من تفشي الفيروس، تظهر العديد من المبادرات لمراقبتنا وملاحقتنا، بعضها يتم خفية، وبعضها ضمن أنظمة الطوارئ دون أي رقابة برلمانية. مثلا، قررت الحكومة تفويض جهاز الأمن العام (الشاباك) بممارسة قدراته - غير المحدودة تقريبًا- في جمع المعلومات الاستخبارية عن المرضى وأي مواطن يتعامل معهم بشكل عشوائي. كلنا اليوم تحت مراقبة الشاباك، ويمكن أن يشمل هذا مراقبة الهاتف الخلوي، أو التسلل الى المعلومات حول مكان التواجد في الهاتف الخلوي، فحص استخدام بطاقة الاتمان، واستخدام تكنولوجيا التعرف على الوجه - من يدري؟ كل ذلك سرًا ودون مراقبة. إلى جانب تحذيرنا من تواجدنا على مقربة من مريض، بناء على وسائل تكنولوجية مجهولة، سوف نتلقى على الفور أمر عزل لمدة 14 يومًا - دون الحق في الاستئناف- وانتهاكه يعتبر مخالفة.

تم التصريح للشرطة بالحصول على بيانات الموقع الخلوي من شركات الاتصالات دون الحاجة لأمر قضائي، وهذا يتعلق بعشرات الآلاف من المواطنين الموجودين في عزل منزليّ، لغرض تنفيذ أمر العزل. نكلنا مشتبهون بانتهاك أوامر العز، لذلك يجب مراقبة خطواتنا والتعرف على مكان تواجدنا.

هل هذه الخطوات مرتبطة بالواقع؟ ألا يمكن أن تكون الأدوات المدنية، مثل التطبيق الخاص بوزارة الصحة، التطبيق الوقائي، كافيًا لتحسين التحقيقات الوبائية وتحذير الناس من إمكانية التواصل مع المرضى؟ لقد حررت الشرطة 140 مخالفة لأوامر العزل حتى الآن. هل يبرر هذا مراقبة عشرات الآلاف من المواطنين الذين يطبقون قرار العزل؟ أي شخص يريد مخالفة أمر الطوارئ والخروج ربما يختار الخروج بدون هاتف ويمكنه أيضًا دعوة الأصدقاء.

ما هي الخطوة التالية؟ مراقبتنا جميعًا حتى لا ننتهك الحجر الصحي؟ نعم! تبحث الشرطة بالفعل عن حل تكنولوجي من شأنه التنبيه عن وجود أي جماعة. من السذاجة الاعتقاد بأن مثل هذه الآلية الوحشية لن تبقى معنا بعد الكورونا!

لا يوجد حل مثالي للوضع، لكن معاملة المواطنين كقطيع يجب مراقبته ليس خيارًا في نظام ديمقراطيّ. حتى لو كان الاعتماد الحصري على الضمان المتبادل مجرد حلم فاضل، وكانت هناك حاجة إلى أوامر وغرامات، فلا يوجد مجال للتصرف كما لو كنا نعيش حالة خراب.

يحب الإعلام إظهار الاستثناءات، لكن الغالبية العظمى تتصرف بنضج ومسؤولية وفهم المبادئ التوجيهية. يجب على الحكومة التوقف عن معاملتنا كمجرمين محتملين ومتابعتنا لاكتشاف "العصيان" والاعتماد أيضًا على المسؤولية الشخصية للمواطنين، الذين تهمهم صحتهم وصحة أقاربهم حتى بدون أمر حكومي. من الأفضل للحكومة أن تركز على الحلول الفورية لأولئك الذين في عزلة أو حجر صحي ويجدون صعوبة في الصمود. هذا أيضًا ضمان متبادل.

تحافظ الديمقراطيات على قيمها حتى أثناء الأزمات الأمنية، ولا تتيح أي وسيلة وأي قانون باسم الأمن. يجب أن يتم تطبيق نفس القاعدة في التعامل مع أزمة صحية.


  • الكاتب محامٍ ومدير وحدة الحقوق المدنية والاجتماعية، ومدير مشروع حقوق الإنسان في العصر الرقمي في جمعية حقوق المواطن.

bottom of page