مُلخَّص قرار الحكم القضائي في التماس رقم 13/413 ورقم 13/1039،
أبو عرام ضد وزير الأمن
في يوم 4.5.22 نُشر قرار الحكم القضائي في الالتماسات المقدمة ضد إعلان منطقة مسافر يطا منطقة عسكرية رقم 918 وضد إصدار أوامر إخلاء بحق سكان ثماني قرى. في القرار، رفضت المحكمة الالتماسات ضد إعلان منطقة مسافر يطا منطقة عسكرية وضد أوامر الإخلاء التي صدرت بحقّ السكان في 8 قرى، بموجب الإعلان المذكور. وقد رفضت المحكمة الالتماسات رفضًا شاملًا قاطعًا (دون النظر في صلب الموضوع) ورفضًا جوهريًّا، على حد سواء، وذلك في قرار الحكم القضائي الذي كتبه القاضي دافيد مينتس وانضم إليه مؤيداً القاضيان يتسحاق عميت وعوفر غروسكوف.
قبلت المحكمة ادعاء المُدّعى ضدهم بأنّه ينبغي رفض الالتماسات رفضًا قاطعًا، جملة وتفصيلًا، بسبب التأخير في تقديمها وبسبب افتقار الملتمسين إلى النزاهة. وقد كُتب في قرار الحكم القضائي أن ثمة في الالتماسات نقيصةً تتمثل في التأخير الواضح، الطويل والجدي، سواء على المستوى الموضوعي، إذ جرى تقديمها بعد نحو 20 سنة من الإعلان عن المنطقة كمنطقة عسكرية؛ أو على المستوى الذاتي، إذ يجعل التأخير من الصعب استيضاح السؤال عمّا إذا كان الملتمسون يقيمون في المنطقة إقامة دائمة منذ العام 1980. وحقيقة أن وقتًا طويلًا قد مرّ منذ تقديم الالتماسات حتى البتّ بشأنها، وإن كانت غير مريحة، إلا أن ليس فيها ما يمكن أن يخفف من ثِقَل التأخير العميق الذي يشوب الالتماسات.
بالإضافة إلى ذلك، قررت المحكمة أن حُكم الالتماسات هو الرفض القاطع، جملة وتفصيلًا، نظرًا لافتقار الملتمسين إلى النزاهة ونظافة الأيدي أيضًا. وورد في نص قرار الحكم القضائي أن الملتمسين لم يثبتوا أن لهم حقوق ملكية على الأراضي في المنطقة العسكرية. وزيادة على ذلك، فقد شهد البناء غير المُرخَّص في المنطقة تسارعاً وازدياداً عقب تقديم الالتماسات. ونوهت المحكمة بأن الأوامر المؤقتة كانت ترمي إلى تجميد الوضع القائم ومنع أي تغيير يضر بأحد الأطراف بينما لا يزال الإجراء القانوني مستمراً، لكنها لم تكن ترمي إلى تحسين وضع الطرف الذي طلب استصدار الأمر. وعليه، يعتبر قرار الحكم القضائي ادعاء الملتمسين بأنه لا يمكن توقع "توقُّف الحياة" في المكان ادعاءً "سافرًا غير محتمل". وقضت المحكمة بأن المدعى عليهم التزموا من جانبهم بالأمر المؤقت ونفّذوه نصاً وروحاً، كما امتنعوا عن إجراء تدريبات بالذخيرة الحية في المنطقة العسكرية طوال السنوات الماضية وذلك، من بين أمور أخرى، نظراً لكثرة المباني التي شُيّدت ضمن حدود المنطقة العسكرية، بالرغم من الأوامر المؤقتة التي صدرت.
إلى جانب ذلك، رفضت المحكمة الالتماسات رفضًا جوهريًّا أيضًا.
نقطة الانطلاق في قرار الحكم القضائي هي أنّ القائد العسكري مخولٌ صلاحية الإعلان عن مناطق معينة مناطقَ مغلقة ومنع الدخول إليها بدون تصريح. وهي صلاحية واسعة الهدف منها خدمة مصالح أمنية عسكرية، بما فيها تحديد مناطق التدريبات العسكرية المُعدّة لتأهيل المقاتلين والمحافظة على لياقتهم وكفاءتهم. وقد أوضح قرار حكم المحكمة أن مالكي أو حائزي الأراضي التي صدرت أوامر إغلاق بشأنها ملزَمون بالتوجه إلى القائد العسكرية للحصول على تراخيص تسمح لهم بالدخول إلى هذه الأراضي. فحقوق الملكية على منطقة مغلقة لا تضمن، بحذ ذاتها، حق الدخول إليها.
ولم تقبل المحكمة ادعاء الملتمسين بأن ممارسة صلاحية إغلاق المنطقة تتعارض مع أحكام القانون الدولي، وخصوصاً أحكام معاهدة جنيف الرابعة. فطبقاً لقرار الحكم، حتى لو افترضنا أنه ينبغي فحص إجراءات القائد العسكري وفقاً لأحكام المعاهدة "العُرفية"، بينما ثمة نص قانوني صريح في القانون الإسرائيلي يقابل أحكام القانون الدولي، فإن الغلبة للقانون الإسرائيلي وهو الذي يحسم.
كما قضت المحكمة أيضاً بأن ليس ثمة مكان للادعاء الذي طرحه الملتمسون بشأن المادة 49 (1) من معاهدة جنيف الرابعة. أولاً، بموجب قرار حكم المحكمة، هذه المادة هي بمثابة حكم توافقي لا يعبر عن القانون الدولي العرفي. وثانياً، ورد في قرار الحكم أن "... ليس ثمة بين هذه المادة، التي ترمي إلى منع الترحيل الجماعي للسكان من منطقة محتلة بغية إبادتهم، تنفيذ أعمال قسرية أو تحقيق غايات سياسية مختلفة، وبين ظروف حالتنا العينية أي رابط أو تشابه".
فيما يتعلق بالأسئلة الواقعية:
السؤال الذي اعتبره قرار الحكم السؤال المركزي في محور البحث هو: هل كان الملتمسون يقيمون إقامة ثابتة في المنطقة العسكرية لدى الإعلان عنها كذلك؟ وقد قضت المحكمة بأن الاستنتاج الواضح المُستخلَص من مجمل مواد القضية هو أنه عشية الإعلان عنها منطقة عسكرية، لم تكن ثمة إقامة ثابتة ضمن حدودها. صحيح أن موقف المحكمة هو أن الالتماس إلى محكمة العدل العليا لا يشكل، في العادة، الإطار المناسب لاستيضاح أسئلة واقعية مركّبة بصورة معمقة، لكن قرار الحكم يعتبر أن السؤال في هذه الحالة العينية ليس سؤالًا واقعيًّا معقّدًا، على الإطلاق.
في موقفها هذا، استندت المحكمة إلى معاينة الصور من الجو التي قدمها كل من الملتمسين والمدعى عليهم وخلصت إلى أنه بمجرد النظر بعين غير مهنية وغير ماهرة، يتكشف "استنتاج قاطع وواضح لا لبس فيه بأن الحق مع المدعى عليهم. فحتى العام 1980، لم يكن بالإمكان تحديد علامات تدل على إقامة في المنطقة، وليس على إقامة ثابتة في كامل المنطقة بالتأكيد، بينما تُظهر الصور ازدياداً واتساعاً واضحين في أعمال البناء في الخِرَب (القرى) خلال التسعينات، ولا سيما ابتداء من العام 2000 فصاعداً. ويبقى هذا صحيحاً حتى لو "خصمنا" الصور الجوية من العام 1985، من العام 1999 ومن العام 2000 والتي يدّعي الملتمسون بأنها قد تخلق انطباعاً خاطئاً ومُضلِّلاً، إذ قام المدعى عليهم في تلك السنوات بهدم المباني التي كانت قائمة على تلك الأرض". كمثال على ذلك، ركزت المحكمة على الصور الجوية لخربة الفخيت وخربة الحلاوة.
وقبلت المحكمة أيضًا ادعاء المدعى عليهم بأن إجراء تدريبات الغارات الجوية التي نظمها سلاح الجو عشية موعد الإعلان عن المنطقة منطقة عسكرية وحتى العام 1993 من شأنه أن يعزز، هو أيضًا، الاستنتاج المذكور بأنه لم تكن هنالك مساكن ثابتة في الموقع في ذلك الحين.
إضافة إلى ذلك، قضت المحكمة بأن الوثائق التي ترصد ووثق إجراءات تطبيق القانون التي نفذتها جهات مختلفة تتيح إمكانية تتبع التطورات التي حصلت في المنطقة ابتداء من موعد إعلانها منطقة عسكرية.
وهكذا، ترتسم من تقارير وحدة المراقبة وجهات أخرى بين العامين 1980 و2000 صورة واضحة تؤكد أنه لم يكن هنالك سكنٌ ثابت في المنطقة العسكرية قبل إعلانها كذلك.
من الجانب الآخر، قضت المحكمة بأن الآراء الاستشارية التي اعتمد عليها الملتمسون لا يمكن أن تسعفهم. بخصوص الرأي الاستشاري الذي وضعته بروفيسور شولي هرطمان، قالت المحكمة إن عرض الخلفية "التاريخية" ليس إلا انطباعها الشخصي مما زودها به سكان المنطقة في مرحلة لاحقة، ولذا من الصعب أن يُستخلَص من هذا الرأي الاستشاري أي استنتاج بشأن القضية التي تشكل موضع خلاف بين الطرفين. أنا بخصوص الرأي الاستشاري الذي وضعه بروفيسور غدعون كرسل فقد ورد في قرار الحكم إنه "غير مُقنِع".
فيما يتعلق بادعاءات الملتمسين والمدعى عليهم المبنية على أجزاء مختلفة من كتاب يعقوب حبكوك "العيش في مغارة جبل الخليل"، تبنت المحكمة ادعاء المدعى عليهم وكتبت في قرار حكمها إنه إذا كان ثمة ما يمكن تعلّمه من هذا الكتاب حول السكن في المنطقة العسكرية خلال الفترة المعنية، فإن سكان الخِرَب الجديدة "ظلوا مرتبطين بحبل السرة بالقرى الأصلية"، ولم يرد ذكر قرى السكان بين الأمثلة على الخِرَب التي تحولت إلى قرى حقيقية. في المقابل، يرد ذكر خربة جنبا كخربة مهجورة كانت قرية موسمية وبقيت كذلك. كما تبيّن الخارطة المرفقة بكتاب حبكوك أنه كانت في نطاق المنطقة العسكرية 11 خربة جميعها، بحسب حبكوك، موسمية: خربة المفقّرة، خربة صرورة، خربة الكويس، خربة الفخيت، خربة المركز وخربة جنبا.
ورفضت المحكمة طلب المجلس القروي الانضمام إلى الإجراء القضائي بصفة "صديق المحكمة" وقضت بأن المجلس لا يستوفي الشروط والمعايير التي حددتها قرارات الحكم القضائية للفوز بهذه الصفة. وكتبت المحكمة في قرار حكمها أن القرائن التي عرضها المجلس لا تثبت وجود سكن دائم في المنطقة خلال الفترة المعنية.
أشارت المحكمة إلى أنه في إطار هذا الإجراء القضائي، عُرض على الملتمسين مسار يقوم على مغادرتهم المنطقة العسكرية في الأوقات التي تجرى فيها تدريبات عسكرية، غير أن الملتمسين رفضوا هذه الاقتراحات. كما عُرض عليهم، أيضاً، السماح لهم بالدخول إلى المنطقة العسكرية لأغراض الفلاحة والرعي في أيام الجمعة والسبت وفي الأعياد العبرية وأن الطريق مفتوحة أمامهم لتنسيق دخولهم إلى المنطقة العسكرية في مواعيد أخرى. كذلك، جرى التأكيد على أن المدعى عليهم مستعدون للسماح للملتمسين بالدخول إلى المنطقة العسكرية على مدار نحو شهرين كل سنة لأغراض الزراعة والرعي.
في النتيجة النهائية، رفضت المحكمة الالتماسات وألزمت الملتمسين بدفع مبلغ 40,000 شيكل مصاريف المحاكمة.