top of page

ملخص طلب لإعادة النظر ـ مسافر يطا




قدمت جمعية حقوق المواطن في إسرائيل، يوم 19.6.22، طلبًا إلى المحكمة العليا لإعادة النظر في قرار الحكم القضائي الذي ردّ التماسات سكان مسافر يطا ضد نية الجيش الإسرائيلي لإخراجهم بالقوة، سويّة مع أبناء عائلاتهم، من بيوتهم في القرى الواقعة ضمن المنطقة المسماة منطقة تدريبات عسكرية رقم 918 (التماس 13/413 أبو عرام ضد وزير الأمن) ومن أجل إلغاء الأمر القاضي بإغلاق المنطقة لغرض التدريبات العسكرية.

الالتماس لطلب جلسة لإعادة النظر في قرار الحكم المذكور يتمحور حول ثلاث قواعد قضائية جديدة تضمنها قرار الحكم القضائي الذي أصدرته المحكمة:

  1. الأولى، تتمثل في إقرار المحكمة بأن الأمر الاحترازي "ليس سوى تصريح تمنحه المحكمة لبدء التقاضي، وعليه فليس ثمة عيب في النظر في الادعاءات الأوليّة بعد إصدار الأمر الاحترازي بخصوص الالتماس". هذا الإقرار يبقي الملتمسين عند عتبة المحكمة طوال فترة المداولات القضائية، يُفرغ مؤسسة الأمر الاحترازي من أي مضمون ويدحض القاعدة المُعتمَدة حتى اليوم بشأن إجراء التقاضي في المحكمة العليا باعتباره إجراءً ثنائيّ المرحلة. إنه استحداث بعيد الأثر ليس له أي سند في قرارات الحكم القضائية أو في الأدبيات القضائية وهذه القاعدة الجديدة شديدة الخطورة من حيث إسقاطاتها على الملتمِسين أياً كانوا ومن شأنها أن تمس بقيم اليقين القضائي ونهائية المداولات، كما من شأنها أن تمس بصورة قاسية بالنجاعة الإجرائية أيضاً.

  2. الثانية، هي الإقرار بأن القانون الإسرائيلي يتغلب على القانون الدولي. صحيح أن هذه هي القاعدة المعمول بها في كل ما يخص العلاقة بين تشريعات الكنيست والقانون الدولي، إلا أن هذا الإقرار يتناقض بصورة صدامية مع جميع القواعد القضائية التي أقرت بأن أوامر القائد العسكري هي بمثابة تشريعات ثانوية وينبغي فحصها، ضمن أشياء أخرى، بموجب القانون الدولي الذي يشكل القاعدة المعيارية الأعلى التي تُلزم القائد العسكري. كذلك، فقد أباح قرار الحكم القضائي للقائد العسكري استخدام المنطقة المحتلة بشكل عام، والممتلكات الخاصة على وجه الخصوص، على نحو يتجاوز تماماً القيود المنصوص عليها في القانون الدولي، كما تحددها المادتان 52 و46 من أنظمة لاهاي والمادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة. وقد ادعينا في الالتماس بأن إبقاء هذه القرارات على حالها من شأنه أن يُنشئ قاعدة قضائية جديدة تفكك هرم الرقابة القضائية على ممارسات القائد العسكري في المناطق المحتلة وتلغي سريان القانون الدولي.

  3. الثالثة، هي السماح بالنقل القسري لسكان محميين في منطقة محتلة، خلافًا لأحكام المادة رقم 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، حتى عند الحديث عن أفراد لا يشكلون أي خطر أمني عيني ومحدد.

تتناقض هذه القرارات بصورة جلية مع قواعد قضائية سابقة ومع القانون الدولي وتفسيراته المُعتمَدة. وإذا ما بقيت على حالها، فستكون لها عواقب وإسقاطات واسعة تطال جذور القانون الإداري، كما تطال أيضاً منهج الرقابة القضائية. ومن الممكن أن تؤدي نتائجها القاسية والمسيئة إلى نقل قسري لما يزيد عن ألف رجل، امرأة وطفل وإلى فتح الباب أمام ارتكاب جريمة حرب.

أرفقنا بهذا الطلب رأيًا استشاريًّا أعدّه خمسة أساتذة بدرجة بروفيسور من الخبراء في القانون الدولي العام، هم: بروفيسور إيال بنبنشتي، بروفيسور آرنا بن نفتالي، بروفيسور إليئاف ليفليخ، بروفيسور دافيد كرتسمر وبروفيسور يوفال شاني. يقول الرأي الاستشاري إن قرار الحكم القضائي الصادر عن محكمة العدل العليا تضمن أخطاء في تفسير القانون الدولي الخاص بالمنطقة الواقعة تحت الاحتلال نتيجة الحرب، الساري في الضفة الغربية. ويتطرق الرأي الاستشاري إلى النقاط المركزية الثلاث التي وقعت فيها الأخطاء في تفسير أحكام القانون الدولي:

أ‌. صلاحية القائد العسكري في منطقة تحت الاحتلال لإغلاق منطقة باعتبارها "منطقة تدريبات عسكرية" هي صلاحية مشروطة بواجبات القائد وفق القانون الدولي وبالتقييدات التي يفرضها القانون الدولي العُرفي على استخدام القائد العسكري صلاحياته في المنطقة الخاضعة لنظام الاحتلال العسكري. ومع ذلك، في الحالة العينية التي جرى النظر فيها ضمن قرار الحكم القضائي كان الحديث يجري عن إغلاق منطقة لغرض التدريبات. وقد افترضت المحكمة في قرار حُكمها كأمر مفروغ منه ومفهوم ضمناً أنه بما أن الجيش يستخدم المنطقة، لغاية ما، فإن الحديث يدور حول حاجة أمنية تبرر الاستيلاء على المنطقة وإغلاقها. وبموجب الرأي الاستشاري، فإن المحكمة، بافتراضها ذاك، قد تجاهلت القانون الدولي الخاص بالمنطقة التي تم احتلالها بالحرب.

وكما أقرت المحكمة في السابق، فإن الاعتبار العسكري الذي يُسمح للقائد العسكري أخذه في الحسبان لدى استخدام صلاحياته في المنطقة الخاضعة للاحتلال هو "ضمان المصالح الأمنية الشرعية للطرف المسيطِر على المنطقة التي تم احتلالها بالحرب"، وليس "احتياجات الأمن القومي بمفهومه الواسع" (التماس 82/393). أي أن احتياجات الجيش التي يُسمَح للقائد العسكري أخذها في الاعتبار هي فقط المصالح الأمنية الأضيق، الخاصة باحتياجات الجيش في المنطقة المحتلة. في ضوء هذه القاعدة القضائية، من الواضح أنه لا يجوز للقائد العسكري في المنطقة المحتلة الاستيلاء على، أو إغلاق، منطقة كمنطقة تدريبات عسكرية إلا إذا كان الأمر لازماً لاحتياجاته الأمنية المشروعة في داخل المنطقة المحتلة ذاتها. وعلى ذلك، يقضي الموقف المهني الذي يعرضه كاتبو الرأي الاستشاري بأنه في غياب القرائن التي تثبت ضرورة المنطقة كمنطقة تدريبات عسكرية تخدم مصالح القائد العسكري الأمنية في الضفة الغربية، فإن القائد العسكري ـ وفقاً للقانون الدولي الخاص بالاحتلال بالحرب ـ لم يكن يملك صلاحية الإعلان عن المنطقة كمنطقة تدريبات عسكرية، إغلاق المنطقة وترحيل سكانها، لأي سبب كان، سواء كانوا قد دخلوا إليها قبل إعلانه المنطقة منطقة تدريبات عسكرية أو بعد ذلك الإعلان، وسواء كانوا يقيمون في المنطقة في مبان دائمة أم في مبان مؤقتة.


ب‌. صلاحية القائد العسكري في إجبار الناس على مغادرة مكان إقامتهم. في قرار الحكم القضائي الذي أصدرته، تطرقت المحكمة إلى المادة رقم 49 من اتفاقية جنيف الرابعة. وقد أقرت المحكمة أن لا علاقة لهذه المادة بموضوع الالتماس قيد البحث، وذلك لسببين اثنين: 1. وفقاً لقرارات الحكم القضائية، فإن الحظر الذي تشمله المادة 49 ليس جزءاً من القانون الدولي العُرفي؛ 2. هذه المادة تتحدث فقط عن نقل السكان بغرض الإبادة أو بغرض العمل القسري أو بغية تحقيق غايات سياسية مختلفة. وفقاً للرأي الاستشاري، أخطأت المحكمة في هاتين النقطتين وينبغي على المحكمة ـ ضمن إعادة النظر ـ أن تضع الأمور في نصابها الصحيح وأن تقرر أن الحظر الوارد في المادة رقم 49 هو جزء من القانون الدولي العُرفي وأنه لا أساس للاعتقاد (الذي يناقض نص المادة الواضح) بأن المادة تسري فقط على تهجير سكان لأغراض العمل القسري، الإبادة أو لتحقيق غايات سياسية مختلفة. الحظر الذي تفرضه المادة 49 من الاتفاقية على النقل القسري هو حظر مطلق مع استثناء واحد فقط: النقل المؤقت لأشخاص بغية حماية أمنهم هم، أو لأسباب عسكرية إجبارية تحتمها عمليات قتالية في المنطقة. وإن إخلاء الناس من المنطقة نظراً لأحد الأسباب الإجبارية المذكورة هو إخلاء مؤقت فقط ومن الواجب إعادة الأشخاص إلى منازلهم فور انتهاء العمليات القتالية. إغلاق منطقة باعتبارها منطقة تدريبات عسكرية وسط منع الناس المقيمين فيها من مواصلة الإقامة هناك هي بمثابة حظر لنقل السكان بصورة قسرية. وحظر النقل القسري ليس مشروطاً بأن يكون السكان مقيمين دائمين في المنطقة التي يتم نقلهم منها. وعليه، فإن السؤال الذي ينبغي النظر فيه هو ليس ما إذا كان الشخص مقيماً دائماً أم لا، وإنما هل يتم نقله من بيته أم لا. كذلك أيضاً، السؤال بشأن قانونية المباني التي يقيم فيها السكان ليس سؤالاً ذا صلة وأهمية في سياق فحص مدى تحقق الشروط المحددة في المادة إياها بشأن إخلاء السكان من منازلهم، أمن السكان أو الاحتياجات الحيوية للجيش. في الحالة التي جرى النظر فيها ضمن قرار الحكم القضائي، لا يتحقق الاستثناء المذكور للحظر الوارد في المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة. ليس ثمة ادعاء بأن الحظر على السكن في المنطقة نابع من حاجة مؤقتة لحماية أمن السكان الذين يتم إخلاؤهم، كما لم تتحقق دواعٍ عسكرية إلزامية، وفق معناها ودلالاتها المحددة في المادة رقم 49.


ت‌. العلاقة بين القانون الإسرائيلي والمحلي وأوامر القائد العسكري وبين القانون الدولي. لدى تطرقه إلى ادعاء الملتمسين بأن البند 318 من الأمر بشأن التعليمات الأمنية يتناقض مع القانون الدولي العُرفي، قال القاضي دافيد مينتس، ضمن أشياء أخرى، ما يلي: "حتى لو افترضنا أنه يتعين فحص ممارسات القائد العسكري في المنطقة وفقاً للأحكام "العرفية" في اتفاقية جنيف، فليس ثمة من يجادل في أنه عندما يكون نص صريح في القانون الإسرائيلي مقابل أحكام القانون الدولي، فإن الغلبة هي للقانون الإسرائيلي". وطبقاً للرأي الاستشاري، فإن العلاقة بين ما قاله القاضي مينتس وبين المسألة التي جرى النظر فيها ضمن قرار الحكم القضائي ليست واضحة: في هذه الحالة، كان الحديث يدور حول أمر عسكري أصدره القائد العسكري في منطقة خاضعة لاحتلال عسكري، وليس حول قانون إسرائيلي. في المنطقة الخاضعة لاحتلال عسكري، أي عمل يقوم به القائد العسكري ـ بما في ذلك أي عمل تشريعيّ أيضاً ـ مُلزَمٌ بأن يلبي شروط وأحكام القانون الدولي عموماً، والقانون الدولي العرفي خصوصاً. كذلك حين يستخدم القائد العسكري صلاحيات يحددها القانون المحلي في المنطقة المحتلة، لزام عليه أن يفعل ذلك وفق متطلبات القانون الدولي. هذه القاعدة، القائلة بأن تشريعات القائد العسكري ينبغي أن تكون خاضعة لمبادئ وأحكام القانون الدولي الخاص بالاحتلال بالحرب، وردت وتكرست في العديد من قرارات الحكم القضائية التي صدرت عن المحكمة العليا الإسرائيلية. حتى حين يستخدم القائد العسكري صلاحيات يحددها ويضمنها القانون المحلي في المنطقة الخاضعة للاحتلال، لزامٌ أن تكون ممارسة الصلاحية هذه وفق تلك الشروط والمتطلبات.

بعد تقديم هذا الطلب، تقدمنا أيضاً بطلبين لاستصدار أمرين احترازيين لمنع إجراء تدريبات عسكرية في المنطقة، لكن في أعقاب التوضيحات التي قدمها الجيش بشأن إجراءات ووسائل الأمان التي سيتم اتخاذها والتعهد بأن لا تُمنَع حركة السكان في المنطقة وتنقلاتهم، رفضت المحكمة الطلبين المذكورين.


فعليًا، ممارسات الجيش على أرض الواقع في المنطقة، والتي تشمل إغلاق الشوارع، هدم المباني، مصادرة المَركبات، منع التنقل وكذلك التدريبات العسكرية، تخلق صعوبات هائلة وتجعل حياة السكان غير محتملة ولا تطاق. وهذه تشكل إثباتًا على أن التخوفات والادعاءات التي طُرحت في إطار الإجراءات القضائية كانت صادقة ومُبرَّرة.



bottom of page