top of page

حقوق المواطن تشدّد على واجبات إسرائيل تجاه السكّان المحميّين في قطاع غزّة




                                             

**واجبات إسرائيل تجاه السكّان المدنيّين في قطاع غزّة تشمل: السّماح بالعودة الآمنة للسكّان إلى منازلهم في المناطق التي لا يدور فيها قتالٌ مكثّف؛ توفير حلول سكنٍ لائقةٍ لمن تضرّرت منازلهم وتوفير كل ما هو مطلوبٌ لضمان بقاء السكّان على قيد الحياة**


توجهّت جمعية حقوق المواطن برسالة إلى مجلس الوزراء الحربيّ المصغّر (الكابينت الحربيّ) والمستشارة القضائيّة للحكومة، مطالبة باتخاذ خطوات جادّة للحد من الأزمة الإنسانيّة الحادّة التي يشهدها قطاع غزّة. وقد فصّلت المحاميّة روني بيلي من قسم الأراضي المحتلّة في نص الرسالة أنّه مع تقدّم الأعمال القتاليّة في غزّة، وسيطرة الجيش على أجزاء من القطاع، فإن واجبات إسرائيل تجاه السكّان المدنيّين في قطاع غزّة تكبر وتتسع، وهي تشمل: السّماح بالعودة الآمنة للسكّان إلى منازلهم في المناطق التي لا يدور فيها قتالٌ مكثّف؛ توفير حلول سكنٍ لائقةٍ لمن تضرّرت منازلهم ومن لا يمكنهم حتى الآن العودة إلى منازلهم بسبب المعارك؛ توفير مياه شربٍ نظيفة، وغذاءٍ بكمياتٍ كافية، وكهرباء، وأدوية، وملابس دافئة، وكل ما هو مطلوبٌ لضمان بقاء السكّان على قيد الحياة؛ الاهتمام بوصول المساعدات إلى جميع المدنيّين؛ إلى جانب ضمان قدرة وصول كل إنسانٍ محميٍّ إلى الرعاية الطبيّة.

وشملت الرسالة شرحا واسعا عن الكارثة الإنسانية الحارقة التي نجمت عن الحرب، ومنها التهجير الجماعيّ للسكّان المحميّين، والتدمير واسع النّطاق للمباني المدنيّة والمرافق الطبيّة، وتدمير واسع النّطاق للطرق وشبكات الكهرباء والماء، والحصار، والتشويشات في إمداد المساعدات الإنسانيّة، وآثار الشّتاء على هذا كلّه.

يتّضح من المعطيات التي تنشرها وزارة الصحّة الفلسطينيّة، أنه منذ اندلاع القتال حتى نهاية شهر يناير (كانون الثاني) 2024، قد قتل أكثر من 28،000 فلسطيني. ونحو 70% منهم كانوا من النساء والأطفال: أكثر من 10،000 طفل قتلوا، ونحو 7،000 سيدة. وتفيد التقديرات بوجود نحو 7،000 مفقودًا يُفترض أنهم قد دفنوا تحت الأنقاض. كما تفيد تقارير وزارة الصحّة الفلسطينيّة بوجود أكثر من 65،363 جريحًا بعضهم سيعيش مع إعاقات أو مشاكل صحّيّة بصورة دائمة.

أصدر الجيش الإسرائيلي بتاريخ 13.10.2023 أوامره لـ 1.1 مليونًا من سكّان شمالي قطاع غزّة، الذين يشكلون نصف إجمالي عدد سكّان القطاع، بترك منازلهم وإخلائها خلال 24 ساعة والتوجه نحو الجنوب، عبر وادي غزّة. ومع اتساع نطاق القتال، تم أيضًا تهجير وسط قطاع غزّة وأجزاء واسعة من جنوبه. وطبقًا لتقديرات الأمم المتحدة، يوجد في غزّة اليوم 1.7 مليون مهجّر، يشكّلون نحو 80% من السكّان.


السكّان المحميّون يعيشون أزمة إنسانيّة شديدة

كان قطاع غزّة، قبل الحرب أيضًا، يعاني من أزمة إنسانيّة شديدة. فبعد استلام حماس السلطة منذ حزيران (يونيو) 2007، تفرض إسرائيل حصارًا على القطاع. إن إسرائيل تسيطر على المعابر البريّة التي تفصل بينها وبين القطاع، كما تسيطر على المجالين الجوي والبحري، وتفرض حظرًا شاملًا على تنقّل البشر والبضائع.

وبسبب تردّي حال البنى التحتيّة في القطاع، فإن إمداد السكّان بالكهرباء يقتصر، على مدار سنوات، على ساعات معدودة يوميًا. والكثيرون لا يملكون القدرة على الوصول إلى الماء اللائق للشرب. أما مناسيب البطالة في غزّة فهي من الأعلى في العالم. يضطر نحو 80% من سكّان غزّة إلى الاستعانة بالمساعدات الإنسانيّة من أجل تلبية احتياجاتهم الأساسيّة حتى في الأيام العاديّة.

مع تقدّم الحرب، وصل الوضع إلى التالي:

1.       افتقار الكثير من النازحين المحميّين إلى سقف يؤويهم. إذ، على مدار الأسابيع الأخيرة، اضطر 1.3 مليونًا من النازحين إلى الفرار إلى رفح. وهم يمكثون هناك في ظل اكتظاظ رهيب، والكثير منهم يعيش في الشوارع المغمورة بالطين ومياه الصرف الصحّي، عرضة للبرد والأمطار، ومن دون ملابس دافئة أو أي مأوى.

2.       لا يتوفر ما يكفي من الكهرباء في غزّة. إذ تضرّر ما نسبته 60% من شبكة الكهرباء في غزّة للأضرار نتيجة القصف.

3.       انعدام القدرة على الوصول إلى المياه النظيفة. فبحسب البيانات التي نشرتها الأمم المتحدة (بتاريخ 24 كانون الثاني - يناير- 2024)، فإن 87% من مرافق المياه، والصرف الصحّي، والنظافة الصحّيّة في غزّة، قد تم تدميرها تمامًا أو تضرّرت. إلى جانب أن المرافق التي لم تتضرّر، لا تعمل بصورة كاملة بسبب عدم وجود الكهرباء، وبسبب النقص في المولدات، والوقود، والمضخات.

4.       انعدام القدرة على الوصول للغذاء. إذ يعاني السكّان المدنيّون في غزّة من الجوع الشديد، ما يؤدي إلى تعريضهم إلى مخاطر صحّيّة جسيمة. أما الأطفال فهم، بصورة خاصة، عرضة لخطر كبير.

5.       بيئة معيشيّة ملوثة وخطيرة. يؤدي الاكتظاظ غير المحتمل، وانعدام وجود مرافق تطهير مياه الصرف وضخها بسبب نقص الكهرباء، والأضرار الهائلة التي لحقت بالبنى التحتيّة، والأمطار، إلى فيضان مياه الصرف الصحّي في مناطق واسعة في غزّة. إن القصف المكثّف يخلق تلوثًا خطيرًا في الهواء، كما أنه يلوث مصادر المياه القليلة التي ظلت، ويلوث التربة.

6.       انعدام القدرة على الوصول إلى الرعاية الصحّيّة. بحسب منظمة الصحّة العالميّة، فإن 14 من أصل 36 مستشفى في القطاع ظلت قادرة على العمل، حتى تاريخ 24.1.24، وحتى هذه المشافي فإنها تعمل بصورة جزئيّة، لا غير.

7.       الكثير من الأطفال على قيد الحياة ظلوا وحيدين. طبقًا للتقديرات التي نشرتها وكالة يونيسف، فإن نحو 17 ألف طفل في غزّة قد ظلوا من دون بالغ يرافقهم، أو تيتموا من كلا والديهم، أو فقدوا أسرتهم بأكملها، أو فصلوا عن عائلاتهم خلال الحرب.

8.       زيادة العقبات، والحؤول دون وصول المساعدات الإنسانيّة. بناء على تقارير صادرة عن الأمم المتحدة، فإن إسرائيل ابتداء من بداية شهر كانون الثاني (يناير) 2024 وحتى تاريخ 25 من ذات الشهر، قد صادقت فقط على 63% من طلبات تنسيق إرسال الإمدادات الإنسانيّة إلى دير البلح. إن ربع طلبات التنسيق قد تم ردها، والباقي تم تأجيل البت فيه بادعاء وجود نشاط عسكري.


القانون المطبق في غزّة، والواجبات المترتبة عليه 

يهدف القانون الدولي الإنساني والالتزامات التي يفرضها على الأطراف المتنازعة إلى الحؤول دون وقوع معاناة إنسانيّة فائضة عن الحاجة. وهذه القوانين تنطبق على أيّة حرب، وهي ملزمة لجميع أطراف النزاع، حتى لو قام الطرف الآخر بخرقها. وبحسب قوانين الحرب، فإنه يحظر حرمان السكّان المدنيّين من الوسائل الضروريّة للبقاء على قيد الحياة، ويحق لهم تلقي المنتجات الضروريّة للوجود، كالملجأ، والغذاء، والأدوية، والمعدات الطبيّة، وإمداد الماء ،والكهرباء. إن تجويع السكّان المدنيّين، كوسيلة قتاليّة، هو أمر محظور بتاتًا.

للقانون الدولي الإنساني بعد يتعلق بالمسائل السلطويّة. وعليه، تتزايد الالتزامات تجاه السكّان المدنيّين كلما تزايدت سيطرة الجيش على الميدان، وطالما لم تعد السلطة القائمة على المنطقة غير قادرة على استخدام صلاحياتها الحكوميّة.

في هذه الأوقات، يتواجد الجيش الاسرائيلي فعليًا على الأرض، وهو يسيطر على البحر، والجو، والمعابر. ولم تعد سلطة حماس قادرة على ممارسة صلاحياتها المدنيّة. منذ إعلان الجيش عن سيطرته على مناطق واسعة، فإن واجب توفير الإمدادات الإنسانيّة لا تتمثل، فحسب، في ضمان التحويل السريع للمساعدات، بل إنها تتمثل في توفير كل ما يحتاجه المدنيّون. ابتداء من اللحظة التي فقدت فيها حركة حماس السيطرة على مناطق واسعة، فإن المسؤوليّة بشأن السكّان المدنيّين قد انتقلت إلى إسرائيل.

بناء على ما تقدم، فإن على إسرائيل التحرك فورًا من أجل الإيفاء بالتزاماتها، بموجب القانون الدولي. على إسرائيل زيادة وتيرة دخول المساعدات الإنسانيّة، وتلبية احتياجات السكّان المحميّين في غزّة.


لقراءة نص الرسالة الكامل (بالعبرية)

bottom of page