top of page

التمسنا للمحكمة العليا ضدّ نهج الشرطة حيال علم فلسطين


הפגנה בשיח ג'ראח, 2010. צילום: אמילי שניידר, ACRI

التماس 22/1386 دياب ضد المفتش العام لشرطة إسرائيل ـ ملخّص

1. خلال الأعوام الأخيرة تغيرت سياسة الشرطة في لواء القدس حيال رفع علم فلسطين وعرضه على الملأ. فإذا كان المتظاهرون والمحتجون قد درجوا حتى العام 2018 على رفع أعلام فلسطينية في مظاهراتهم ووقفاتهم الاحتجاجية دون أي عائق أو اعتراض، إطلاقاً تقريباً، إلا أنه ابتداء من تلك السنة بالذات، والتي جرى خلالها نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، فصاعداً، أصبحت الشرطة في لواء القدس تعمل بصورة منهجية لإقصاء العلم الفلسطيني من الحيز العام ـ سواء خلال المظاهرات التي يرفعه فيها المتظاهرون، أو لدى رفعه على أسطح البيوت، أو لدى طباعته على ألبسة بل ـ ولشدة العبث ـ حتى عند الحديث عن رزمة بالونات مفرغة حتى النصف بألوان العلم الفلسطيني تتدلى من سلك كهربائي. هذا النهج يأتي تنفيذه مصحوباً باستخدام القوة تجاه من يجرؤ على التلويح به، بالاعتقالات، العنيفة أحياناً، بحق كل من يحاول الاعتراض على مصادرة العلم وبالتصعيد ضد نشاطات احتجاجية هادئة.

2. سياسة الشرطة هذه تتناقض مع تعليمات المستشار القضائي للحكومة. في العام 1993، في أعقاب مؤتمر مدريد واتفاقيات أوسلو التي تمخضت عن إنشاء علاقات رسمية، دبلوماسية وأمنية، مع منظمة التحرير الفلسطينية (م. ت. ف)، ثم مع السلطة الفلسطينية لاحقاً، أقر المستشار القضائي للحكومة بأنه حيال الوضع السياسي المستجد ليس ثمة أي مصلحة للجمهور في اتخاذ إجراءات جنائية بحق من يُدّعى ضده بأنه قد رفع علم م. ت. ف. وأنه ينبغي فحص كل حالة على حدة "مع الانتباه إلى أن هذا هو علم السلطة الفلسطينية". وقد حظي هذا الموقف بتصديق محكمة العدل العليا (التماس 93/5883 يهلوم ضد مفتش العام لشرطة إسرائيل (نُشر في نِڤـو، 26.5.1994)، فيما يلي: قضية يهلوم).

3. ثم عاد نائب المستشار القضائي للحكومة وكرر هذا التوجيه في أيلول 2014. وقد قضى هذا التوجيه بأن الوضع السياسي بين دولة إسرائيل والسلطة الفلسطينية يتطلب سياسة متساهلة بشكل خاص فيما يتعلق برفع العلم الفلسطيني. وتبعاً لذلك، قضى التوجيه بأنه لا ينبغي العمل بصورة جارفة على إزالة أعلام م. ت. ف. وتقديم من يرفعها إلى المحاكمة وبأنه يجب العمل لإزالة العلم فقط عندما "يكون هنالك احتمال كبير لأن يؤدي رفع العلم إلى انتهاك خطير للسلامة العامة" أو عندما "يكون شك جدي بأن رفع العلم يشكل مخالفة تعاطف مع منظمة إرهابية أو دعم لها". وبذلك، تبنى المستشار القضائي للحكومة الاختبارات الصارمة التي بلورتها الأحكام القضائية في مجال تقييد حرية التعبير عن الرأي.

4. غير أن التوجيهات في جهة والواقع في جهة أخرى. فالواقع يدل على أن رفع علم فلسطين في القدس يُحدث تشوشاً تاماً في تفكير أفراد الشرطة في اللواء، وسط مس خطير بالحق الدستوري في التعبير عن الرأي بشكل عام والتعبير عن الرأي السياسي بشكل خاص، الحق في الاحترام والاستقلال الفكري وحق سكان المدينة الفلسطينيين في الهوية. وعليه، فقد تقدمنا بالتماس إلى محكمة العدل العليا، سوية مع سكان الشيخ جراح والعيساوية وناشطين فلسطينيين فعالين جداً في الحملات الاحتجاجية.

5. في الالتماس، نحن ندّعي بأن السقف المرتفع الذي حددته قرارات الحكم القضائية لتقييد حرية التعبير عن الرأي، كما التوجيهات التي أصدرها المستشار القضائي للحكومة وواجب اعتماد التناسبية والفحص اللازم لكل حادثة يجري خلالها رفع العلم، قبل تنفيذ إجراءات تطبيق القانون، أصبحت (كلها) طي النسيان. وقد أرفقنا بالالتماس إفادات مصوّرة وخطية عديدة ومقتبسات من قرارات حكم قضائية تدل على أن مصادرة الأعلام والتنكيل بالمتظاهرين هي ممارسات روتينية ودائمة، سواء في الفترات المتوترة أو في سواها، بل وخلال النشاطات الاحتجاجية الهادئة، بصرف النظر عن طبيعة المظاهرة وبدون أن تشكل أي خطر على سلامة الجمهور. وادّعينا أيضاً بأن العنف البوليسي الممارَس خلال المظاهرات، دمغ المتظاهرين، يهود وفلسطينيين، كمخالفين للقانون، ثم اعتقالهم وتكريس صورة العلم الفلسطيني وكأنه رمز للإرهاب والمقاومة لتبرير الانقضاض عليه ـ هي (كلها) الني توتر الأجواء وتدفع بالمظاهرات الهادئة نحو التوتر وتحولها إلى صدامات وأعمال خرق للنظام.

6. كذلك لم يساعد في شيء التوضيح الذي قدمه وزير الأمن الداخلي لكبار قادة الشرطة في أواخر العام 2021، والذي قال فيه إنه بالإمكان العمل لإزالة العلم الفلسطيني فقط في الحالات التي هنالك احتمال كبير لأن يؤدي رفع العلم فيها إلى انتهاك خطير للسلامة العامة. وقد كتبنا في الالتماس إن سياسة التنكيل البوليسي بالمتظاهرين الذين يرفعون أعلام فلسطين ـ كما لو أن الهوية الفلسطينية، هوية ما يزيد عن 20% من مواطني الدولة، هي عنصر سلبي ومصدر تهديد ـ خطف الأعلام من أيديهم ومصادرتها، ثم اشتراط تنظيم النشاطات الاحتجاجية بإزالة الأعلام ـ كلها ممارسات لا تزال قائمة ومستمرة.

7. وادعينا أيضاً بأن رفع علم فلسطين لا يبرر تعاملاً مختلفاً عن ذلك الذي يحظى به أي علم وطني أو مجموعاتيّ آخر؛ كما أن "علم الفخر" يُرفع في مسرات فخر المثليين دون أي اعتراض، وكما أنه لا يمكن أن يخطر في بال أحد مصادرة أعلام إسرائيل في مسيرات الأعلام والمظاهرات اليهودية، حتى عند إجرائها في قلب أحياء فلسطينية، أو المطالبة بإزالة علم إسرائيل المرفوع باعتزاز على المنازل المعدودة التي يسكن فيها يهود في حي الشيخ جراح وفي سلوان، بجانب آلاف الفلسطينيين ـ كذلك أيضاً ينبغي التعامل مع علم فلسطين.

8. طلبنا المحكمة إسداء العون بالخطوات التالية:

  • إصدار قرار يقضي بأن المادة 82(ج) من أمر الشرطة، التي تخول المفتش العام للشرطة صلاحية منع رفع أعلام ورموز قد تُحدث تشويشاً للسلامة العامة ويسمح لأفراد الشرطة بإزالتها، لا تخوّل أفراد الشرطة صلاحية إنزال أعلام فلسطين خلال المظاهرات والنشاطات الاحتجاجية.

  • إصدار أمر إلى أفراد شرطة لواء القدس يمنعهم من خطف أعلام فلسطين من أيدي المتظاهرين ومصادرتهم خلال النشاطات الاحتجاجية.

  • إصدار أمر إلى المفتش العام للشرطة بأن يصدر تعليمات خطية تؤكد أن رفع العلم الفلسطيني في حد ذاته لا ينطوي على إثارة ما يعيق السلامة العامة وأنه ينبغي تمكين المتظاهرين من رفع العلم الفلسطيني.

  • إصدار أمر إلى النائب العام للدولة بأن يصدر تعليمات تقضي بأنه ينبغي الحصول على إذن من النيابة العامة للشروع في إجراء تحقيق وتقديم إلى المحاكمة بجريرة ارتكاب مخالفات تُنفَّذ في إطار الاعتراض على مصادرة أعلام فلسطين خلال نشاطات احتجاجية.

في 7 تشرين الثاني (نوفمبر) 2022، رفضت محكمة العدل العليا إلتماسنا بادعاء ان الاحداث والشهادات المعتمدة في الالتماس لا تشير بالضرورة الى سياسة عامة تنتهجها شرطة إسرائيل تجاه رفع العلم الفلسطيني. رغم هذا، الجانب الإيجابي في قرار المحكمة هو تسجيل تعهّد الدولة بأن الشرطة تعمل على تحديث تعليمات النائب العام بين ضباط الشرطة في الميدان، والتي بموجبها لا يجور التعرّض لرفع العلم او مصادرته إلا في الحالات القصوى وعندما يكون هناك احتمال شبه مؤكد من أن يؤدي رفعه إلى انتهاك خطير وحقيقي للسلم العام.


موادّ متعلّقة:


bottom of page