لا تزال قضية الملكيّة على الأرض من اهم القضايا التي يناضل من اجلها المجتمع الفلسطيني في البلاد من الشمال الى النقب، فتداعيات مصادرة الأراضي التي تزامنت مع قيام الدولة ما زالت مستمرّة، والنضال من اجل الحفاظ على الأراضي المتبقيّة، او استرجاع قسم ممّا صودر لا يزال في أوجه.
معظم الأراضي في إسرائيل تعود اليوم لملكيّة الدولة وتتم إدارتها من قبل دائرة أراضي إسرائيل، وهي هيئة بعيدة كل البعد عن الاكتراث بتمثيل مصالح المجتمع العربي. بالمقابل يخضع جزء من الأراضي العربية الخاصة المتبقيّة لخطر المصادرة نتيجة النزاع على ملكيّتها، وتشكيك الدولة بالملكيّة العربيّة لتلك الأراضي، كما يحدث بشكل خاص في النقب. فالقلّة من العرب البدو من سكّان النقب الذين تمكّنوا من تقديم دعاوى لاستحقاق ملكيّة الأراضي يخوضون معركة قانونية مرهقة وقد تكون خاسرة، ليس لكون المتقدمين ليسوا المالكين الحقيقيين للأرض، ولكن لأن شرط إثبات الملكيّة صعب للغاية. لذلك، تفوز الدولة عادة، ويتم تسجيل الأرض باسمها.
من هنا؛ فإن النضال الأساسي يتمحور اليوم حول المطالبة بتخصيص أراضي الدولة، التي تميّز بشكل مُمنهج ومستمر بين العرب واليهود، للمواطنين العرب، في محاولة لسد الفجوات، ومن اجل تطوير وتوسيع القرى والمدن العربيّة المخنوقة والتي تعاني من انعدام التخطيط وإمكانية التوسّع المستقبلي.
منذ قيام الدولة، لم يتم بناء بلدة عربية واحدة، باستثناء القرى البدوية السبع التي نُقل اليها سكان القرى غير المعترف بها، و11 قرية بدوية تم الاعتراف بها. إضافة إلى ذلك، لم يتم توسيع مسطحات البلدات القائمة. حتى عام 2011، كان إجمالي مساحة مسطحات البلدات العربية أقل من 3٪ من مساحة الدولة. بالمقابل، تواصل الدولة الترويج لإقامة بلدات يهودية جديدة - غالبًا على حساب المجتمع العربي.
على الرغم من رفض المحكمة العليا في الماضي لسياسة تخصيص الأراضي والمشاريع الاسكانية لليهود فقط، إلا أن هذه السياسية التمييزيّة لا تزال على رأس أجندة الحكومة. لقد تم تثبيت هذا المفهوم في الآونة الأخيرة ضمن قانون أساس: القوميّة، وأحد أهم مبادئه هو تعزيز الاستيطان اليهودي كقيمة وطنية- قوميّة عليا في الدولة. يستند هذا المبدأ على الاقصاء وينص على أنه يجب على الدولة أن تعمل بنشاط لتشجيع الاستيطان اليهودي والترويج له ومأسسته.
يستند هذا المبدأ على مفهوم التفوق اليهوديّ، والملكية اليهودية للأرض، والتمييز على أساس القوميّة بين المواطنين اليهود والعرب. إن تقسيم الأراضي والموارد في الدولة بين اليهود والعرب يجعل التمييز قيمة مهمة للنظام القانوني والحياتيّ في إسرائيل بطريقة غير مسبوقة تضر بالحقوق الأساسية للأقلية العربية. لذلك، تتطلب المساواة في ملكية الأراضي تغييرًا جذريًا في مفهوم الأرض كمورد جماهيريّ يجب تقسيمه بالتساوي. كما تتطلب المساواة في الملكية الاعتراف بحق المواطنين الفلسطينيين على أرضهم، والاعتراف بالقرى غير المعترف بها والاستثمار في البلدات القائمة.
كتبت: سناء بن بري
محاميّة، مسؤولة عن ملفّ النقب في جمعيّة حقوق المواطن.