خلال شهر آب (أغسطس) الماضي، قدّمت جمعيّة حقوق المواطن التماسًا ضدّ كلّ من سلطة أراضي إسرائيل ووزارة الإسكان وشركة "بيرتس بوني هَنيچِڤ"، بسبب رفض سلطة الأراضي فرض غرامةٍ على الشّركة بسبب ممارستها التّمييز في بيع الشّقق للعرب. وكان الالتماس قد تم تقديمه باسم محمد أبو ربيعة، من سكان بئر السبع، الّذي رأى إعلانًا لبيع الشّقق في مشروعٍ تابعٍ للشّركة، وحينما أبدى اهتمامه بها، قيل له أنّه لا توجد شققٌ للبيع في إطار المشروع، وأنّ عليه تسجيل نفسه في مشروع "السعر للساكن" (מחיר למשתכן).
وقد شكّ السّيد أبو ربيعة بأنّ الردّ كاذب، وبعد إجراء فحصٍ موسّع، اتضح فعلًا أنّ الأمر يشكّل نمطًا متكررًا في السّلوك: إذ تمّ تضليل الزّبائن العرب الّذين سعوا لشراء شقةٍّ في مشروع بئر السبع من قبل ممثل الشّركة، بادعاء عدم وجود شققٍ شاغرةٍ للبيع في هذه المرحلة، سوى في إطار برنامج "السعر للساكن"، وقد تمّ توجيههم، بدلًا من ذلك، للتسجيل في قرعة برنامج "السعر للساكن" التّابع لوزارة الإسكان. من ناحيةٍ أخرى، تمّت دعوة الزّبائن اليهود لمعاينة شققٍ في المشروع، والمضيّ قدمًا في عمليّة الشّراء.
ووفقًا لشروط مناقصة سلطة أراضي إسرائيل، يعدّ التّمييز في تسويق الشّقق خرقًا يمكن فرض غرامةٍ عليه بمبلغ محدّدٍ يبلغ 450 ألف شيكل لكلّ وحدةٍ سكنيّة.
هذا، وقد أعلنت النّيابة، في أعقاب الالتماس، أنّ لجنة المناقصات التّابعة لسلطة أراضي إسرائيل ستعيد النّظر في قرارها.
يوم أمس، نشرت لجنة المناقصات قرارها الّذي يفيد بأنّ الشّركة قد قامت، في ثلاثة حوادثٍ منفصلة، بتضليل الزّبائن العرب، مدّعيةً عدم وجود شققٍ للبيع إلا في إطار برنامج "السعر للساكن"، وهو أمر اتّضح عدم صحّته، وأنّ من يتوجهون للشّركة من اليهود لم يتلقوا مثل هذه المعلومة المضلّلة.
في الوقت ذاته، قرّرت اللجنة أنّه "لم يتمّ إثبات وجود سياسةٍ ممنهجةٍ قائمةٍ على التّمييز لدى الشّركة"، ولذا فقد قرّرت اللجنة أن تأمر بتعويضٍ متفّقٍ عليه تبلغ قيمته 30 ألف شيكل فقط.
من جهته، صرّح المحامي جيل غان-مور، مدير وحدة الحقوق الاجتماعيّة والمدنيّة في جمعيّة حقوق المواطن، وهو من قام برفع الالتماس، قائلًا: "من الجيّد أنّ سلطة أراضي إسرائيل قد تمالكت نفسها وقرّرت أنّ الشّركة قد مارست التّمييز، كما يظهر بصورةٍ واضحةٍ من الأدلّة. يحظر أن تصير العنصريّة في الإسكان هي القاعدة، كما أنّ على سلطات الدّولة أن تدين أعمال التّمييز وأن تكافحها. وبالتّوازي مع ذلك، فإنّ القرار بفرض غرامةٍ على شركة "بيرتس بوني هَنيچِڤ" بمبلغٍ منخفضٍ هو قرارٌ خاطئ. فالمبلغ ليس رادعًا ولن يتسبّب في تغيير أنماط العنصريّة في سوق الإسكان. حينما يتكشّف نمطٌ متكرّرٌ من التّضليل المقصود للمتقدّمين على أساس قوميتهم، يصير من الواضح أنّ الأمر نتاج سياسةٍ، لا خطأ، وقد كان على سلطة أراضي إسرائيل فرض غرامةٍ كبيرةٍ تعكس خطورة الفعل. ولذا، فسنواصل نضالنا لكي يتمّ فرض غرامةٍ لائقةٍ ورادعةٍ في هذا السّياق".
Comentarios